الصيف القادم هل سيكون ساخناً على الكرد أم تركيا وأردوغان؟!

أردوغان في تصعيده مؤخراً ضد إسرائيل؛ وصفها بالإرهاب ودعم حركة حماس ومؤخراً قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل وصولاً لإعادة الكلام في إسطوانته المعهودة بالهجوم على المناطق الكردية الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية وغيرها من السياسات التي تتبعها حكومة العدالة مؤخراً مثل إعادة الانفتاح على بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية كلها تهدف لتحسين وضعهم في الشارع التركي وذلك استعداداً للانتخابات الرئاسية القادمة وخاصةً في خسارتهم الفادحة أمام المعارضة التركية في الانتخابات البلدية.. بقناعتي جماعة الاخوان هذه المرة بقيادة أردوغان سيخسرون قيادة تركيا؛ الرئاسة التركية، كما خسروا في الانتخابات البلدية وربما كانوا خسروها في الانتخابات الماضية لولا بعض حماقات الأحزاب المعارضة ومنهم ترشيح البغل؛ كليتشدار أوغلو وكان الأجدر لو ترشح إمام أوغلو رئيس بلدية إستانبول.. فهل سيتدخل الأمريكان والأوروبيين لإبقاء أردوغان لفترة قادمة؟ الجواب على السؤال السابق سيكون في قضية السماح أو عدم السماح لتركيا بشن عدوان آخر على روژآڤاي كردستان وبحسب بعض الأخبار القادمة من واشنطن ومنها ما جاء على لسان السيناتور وعضو لجنة العلاقات الخارجية؛ كريس ڤان هولن، وذلك في لقاء له مع مراسل قناة رووداو حيث قال؛ بأنهم طلبوا من الرئيس بايدن بعدم السماح لتركيا بشن أي عمل عسكري ضد قوات سوريا الديمقراطية، كون ذلك يضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة وبأنهم طلبوا من تركيا أيضاً بعدم القيام بأي عمل عسكري، بل أضاف السيناتور الأمريكي كذلك بأنهم يعملون لأجل أن تصبح قسد شريكاً فاعلاً في العملية السياسية في سوريا لنيل والحفاظ على حقوق الشعب الكردي

دلالات زيارة أردوغان لكردستان

مشاركتي مع عدد من الأصدقاء والزملاء حول الموضوع أجراه الأخ عنايت ديكو حيث جاء سؤاله على الشكل التالي:

  • الرأي العام
    ——————
  • في ظل هذه التحولات الجيوسياسية الكبيرة في المنطقة، يبرز دور اقليم كوردستان العراق كلاعب حيوي اقليمي مهم. وجاءت زيارة الرئيس التركي ” رجب طيب أردوغان ” الى اقليم كوردستان العراق كحالة متممة وترجمة واضحة لهذا الدور الكوردستاني.

كيف تقيمون هذه الزيارة الرسمية للرئيس أردوغان الى هولير ؟

  • أخاكم عنايت ديكو
    ———————-
    نتمنى من حضراتكم أن لا تزيد الاجابة عن عشرة أسطر .
    ……………………………………………………

بقناعتي زيارة أردوغان مع وفد حكومي كبير وضخم لكل من بغداد وهولير، وبالأخص لهذه الأخيرة، تتسم بمعاني ودلالات كثيرة ومعبرة؛ أهمها هو كسر عنجهية تركيا ونظرتها لإقليم كردستان وحكومتها وللكرد عموماً حيث إنها (أي تركيا) وأردوغان نفسه، كانوا وربما ما زالوا يرفضون الاعتراف بالإقليم وبعلمها وبرلمانها وحكومتها، بل وصفهم أردوغان ب”العشائرية”، مع تقديرنا للرموز القبلية والعشائرية، ووصل به الاستهزاء في حكومة الإقليم وكيانها ووجودها أن قال؛ بأن ب”إغلاق الصنبور” -وكان يعني بها خط الغاز والنفط الذي يمر من الإقليم إلى تركيا ومنها لأوروبا- فإنه سيقضي على وجودها؛ أي وجود الإقليم ككيان سياسي، لكن ها نحن نراه يأتي لبغداد، بل إلى هولير نفسها، ولن نقول صاغراً، لكن على الأقل ليس كطاغية ومحتل ليُخضع الكرد، بل ربما مترجياً منهم أن يساعدوه في حل عدد من القضايا والملفات التي تعاني منها تركيا حيث نعلم ومن خلال العقدين السابقين والذي جاءا بأردوغان والتيار الإسلامي لسدة الحكومة في أنقرة؛ بأن الرجل ثعلب سياسة ويعرف أين ومتى يعمل تكويعات خطرة من على حافة الهاوية وقد رأينا ذلك في عدد من الملفات، مثل علاقته بالدول العربية وتحديداً مصر والسعودية فبعد حروبه الكلامية ضد البلدين ذهب وطلب صداقتهم من جديد!

وها هو اليوم يأتي للعراق وكردستان ويدفعه بالتأكيد عدد من الأمور والقضايا والمحركات حيث كلنا نعلم؛ بأن حكومة العدالة والتنمية، ذات الفاشية الدينية المتزاوجة مع الفاشية القومية في تركيا، تمر بمرحلة عصيبة وفي عدد من الملفات؛ إن كانت على الصعيد الداخلي وما تشهدها تركيا من انهيار في الاقتصاد وحال الليرة التركية خير شاهد على ذاك الانهيار، مما تسبب في خسارة وانتكاسة كبيرة لهم في الانتخابات الأخيرة للبلديات.. وكذلك في علاقات تركيا الإقليمية والدولية حيث وبعد كل تلك الأحلام عن مشروع أردوغان في “العثمنة الجديدة” وإخضاع العالم الإسلامي والدول الناطقة بالتركية لنفوذ تركيا وجعلها، أي تركيا “قطب آخر” على المستوى الدولي وليس فقط الإقليمي، ها نحن نرى تراجع الدور التركي حتى في الملف السوري، ناهيكم عن باقي الملفات وطبعاً بعد أن سحب الأمريكان والأوربيين يدهم من دعم تركيا نتيجةً لسياساتها الإخوانية ودعمها للكثير من الجماعات الراديكالية وبالأخص في كارثة عفرين، بل والأخطر الذهاب أكثر باتجاه المحور الإيراني، فكان لا بد من فرملة تركيا!

ولذلك فإن أردوغان يحاول أن يتوجه للشرق بعد أن خذله الغرب وهذه الزيارة بهذا الحجم الحكومي الكبير لبغداد وهولير هي محاولة للتعويض حيث الزيارة وبقناعتي لا تقتصر على الملف الأمني، كما يحاول البعض الترويج له؛ وبأنه فقط لاستهداف العمال الكردستاني، فلا أعتقد بأن يكون هو الملف الوحيد ولا الأول حتى لدى تركيا وأردوغان، بل الأهم هي الملفات المتعلقة بالجانب الاقتصادي من خط النفط المار بالإقليم لتركيا وكذلك فتح بوابات أخرى للعلاقات التجارية وجعل العراق ساحة للبضائع والشركات التركية، طبعاً مع ملف المياه والذي يهم الحكومة العراقية أكثر من أي ملف آخر. وأيضاً فقد جاء أردوغان لكردستان لربما يجد “حبل نجاة” له ولحكومته في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقد يكون مدخلها إحياء أو إعادة المفاوضات مع الجانب الكردي بوساطة من البارزانيين.. بكل الأحوال هذه الزيارة تعني فيما تعنيه؛ اعترافاً تركياً ومن أردوغان نفسه كأكبر رمز سياسي لحكومة العدالة والتنمية، ليس فقط بالإقليم الكردستاني وجوداً ككيان سياسي له حكومته وعلمه وبرلمانه، بل كذلك بدور هذا الإقليم والحكومة الكردستانية في عدد من ملفات المنطقة وهذا هو المغزى والدلالة الأكبر بقناعتي في هذه المرحلة التاريخية.

كيف باعت الحركة الكردية قضيتنا!

كتبت مقالاً، مقالي السابق، حول اعتذار السيد “سمير نشار” من الشعب السوري وذلك بخصوص دوره في المعارضة السورية، وتحديداً المجلس الوطني السوري وترك الأمور بيد الاخوان المسلمين، وكذلك تطرقت للدور المتخاذل للحركة الكردية وتنازلهم عن القضية الكردية وعن مسألة أن قضيتنا هي “قضية أرض وشعب”، مما جعل الموضوع يأخذ تفاعلاً من قبل الإخوة والأصدقاء المتابعين وبالتالي جاءت العديد من الردود ومنهم الرد التالي من الصديق؛ Ehmed Ebdilrehman حيث كتب قائلاً؛ “نعم قد تأخرّوا كثيراً عزيزي بير ، ومن المؤسف أنْ لا يدرك المجلس الكُردي وإلى الآن من أنه قد تأخّر أكثر !
عزيزي…كان حَريّ بالمجلس الكُردي أنْ ينسحب من ذاك التجمّع العفن الأخواني عندما قرؤوا العبارة العنصرية التالية : سوريا(جغرافياً) هي جزء من الوطن العربي
والشعب السوري (ديمغرافياً) هو جزء من الأمة العربية !
إذْ كان من المفروض ومن باب حسن النية أنْ تكون العبارة السابقة كما يلي :
القسم العربي من سوريا هو جزء من الوطن العربي ، والشعب العربي السوري
هو جزء من الأمة العربية…
في حين أنّ القسم الكُردي من سوريا(Rojava) هو جزء من الوطن الكُردي
والشعب الكُردي السوري هو جزء من الأمة الكردستانية…
فما بالك ببقاء هذا المجلس وإلى الآن في حضن الاعتلاف بعد كل هذه الجرائم والموبقات من قبل مرتزقتهم بحق الكُرد وطناً وشعباً !
تحياتي وموّدتي..🥀”.

إن رد العزيز أحمد عبدالرحمن، جعلني أكتب هذا التوضيح التالي: تمام وكان ذاك هو موقفي منذ اللحظة الأولى وحتى قبل ذهابنا لدمشق حيث عقدنا نحن الكتلة الكردية اجتماعاً في حلب، ببيت الأخ رشيد شعبان؛ عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة، وحضرها كل قياداتنا في الكتلتين (الجبهة والتحالف) تقريباً، وبالأخص أولئك المكلفين بالحضور في المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني السوري، وتناقشنا حول الموضوع، وأنا تصديت أكثر الجميع لهذه النقطة؛ أي تلك المتعلقة بأن “سوريا جزء من الوطن العربي وأن الشعب السوري جزء من الشعب العربي” والذي سيقره قوى “إعلان دمشق” في مؤتمره التأسيسي للمجلس الوطني، وبعد جدال ونقاشات طويلة واقتراحات عدة، قمت طرحت السؤال التالي ع الجميع ؛ طيب إذا رحنا ورفض الشركاء هذه المقترحات وأصروا على إبقاء الصيغة الحالية والتي تقول: بأن “سوريا جزء من الوطن العربي والشعب السوري جزء من الأمة العربية”، فماذا سيكون موقفنا نحن ككتلة كردية، أحزاب وشخصيات مستقلة؟!

وبعد صمت دام لوهلة أجابني الراحل؛ إسماعيل عمر، رئيس حزب الوحدة، وبحضور الجميع وكان عددنا يفوق العشرين شخصاً؛ منهم الراحل حميد حج درويش وكان هناك السيد شيخ آلي وعبد الحكيم بشار وآخرين كثر، فقال وبالحرف؛ بأنهم اجتمعوا في الجزيرة، كتلتي التحالف والجبهة الكرديتين، وتوصلوا للقرار التالي: “حتى إن بقيت الصيغة، كما هي، فإنهم سوف يوقعون عليها”!! وللأسف ذاك الذي حصل، مما جعلني أطالب رفاقي بالبارتي من عبدالحكيم ومحمد اسماعيل وشيخ أمين كولين والآخرين بالانسحاب من المؤتمر، لكن للأسف لم يستجيبوا ووقع الجميع على القرار، مما جعلني أعلن تجميد عضويتي في الإعلان والمجلس من بيروت وذلك بعد أن خرجت من سوريا مع بداية نيسان لعام 2008م نتيجة الملاحقات الأمنية المتكررة.. والحكاية ستطول بيني وبين رفاق في البارتي لأصل إلى سويسرا وأقدم استقالتي ويستمرون هم، أو على الأقل الغالبية منهم، في ذاك الوكر والمستنقع الخانع والخاضع للآخرين ولينتهي بهم وبنا المطاف بالخضوع والخنوع التام لمخططات تركيا والاخوان والمعادية حتى لوجودنا، وليس فقط لحقوقنا، ومع ذلك يأتي من يريد أن نصدقه ونصدق أكاذيبه؛ بأن هؤلاء “يمثلون المشروع القومي الكردستاني” وللأسف.

..مع أجمل التحيات والتقدير لك ولكل صادق مع نفسه وشعبه ومع قضايانا الكردستانية 💐

تأخرتم كثيراً في الإعلان عن الاعتذار للشعب السوري

الأخ؛ سمير نشار، تعرفت عليه عام 2005م مثله مثل كثر آخرين، ضمن ما عرف فيما بعد بالمعارضة السورية، وذلك من خلال تمثيلي لكتلة “الجبهة الكردية” وممثلاً عن الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) -حالياً الكردستاني- طبعاً حينها كان الرجل يمثل تياراً ليبرالياً، كما كان يعرف عن نفسه وتياره، ولو بصبغة قوموية، لكن ذاك ليس موضوعنا ولسنا أيضاً بصدد تقييم ذاك التيار وهل كان هناك تيار ليبرالي أصلاً، أم كان هناك عدد من الشخصيات التي تدعو الى الديمقراطية والليبرالية السياسية.. وهكذا استمرت علاقتنا لغاية إعلان المجلس الوطني السوري والذي عقد مؤتمره التأسيسي في نهاية عام 2007م بدمشق حيث اعتقل عدد منا وأتذكر قضينا معاً، ومع عدد من الأخوة الآخرين، ليلتان في أمن الدولة بحلب.

ما أردت من هذه المقدمة هو القول؛ بأن السيد نشار يعتبر من مؤسسي الحراك السياسي المعارض في سوريا، وقد أستمر معهم لغاية يوم أمس، وإذ نتفاجأ به يعلن عن اعتذاره للشعب السوري؛ لأنه شارك جماعة الاخوان المسلمين، وبأن هؤلاء لا يمكن أن يصبحوا شركاء في أي مشروع وطني حيث من ضمن ما جاء في بيان الاعتذار هو التالي: “للأسف لم يكونوا ذو مصداقية ونزاهة سياسية ولا يمكن ان يصبحوا شركاء بالمشروع الوطني السوري..”. مما جعلني أكتب له التعليق التالي: بقناعتي إن المشكلة ليس في موقف الإخوان ومشروعهم السياسي بقدر ما هو في ضعف المعارضة الديمقراطية في بلادنا حيث تم تسليم الأمور لهم تماماً نتيجة ضعف الآخرين وإرتزاق البعض الآخر.. وللأسف تأخرت كثيراً مثل الكثيرين للإنسحاب ورغم ذلك موقفك محل تقدير يثنى عليه وذلك لشجاعتك في الإعتراف بالخطأ والاعتذار والذي قد يصبح دافعاً للآخرين أيضاً.. تحياتي

طبعاً لست هنا بوارد محاكمة الرجل، بل ورغم كل هذا التأخير في الاعلان، يعتبر موقفاً شجاعاً فعلى الأقل هو يعتذر للشعب السوري وكذلك ربما يشجع آخرين، لا نقول بالقفز عن المركب للنجاة وهو صحيح لدرجة كبيرة حيث سيغرق بمن يتبقى فيها، وقد بدأت عملية الإغراق أساساً منذ اسقاط حكومة مرسي في مصر وليس اليوم، لكن يبدو أن الكثيرين تأخروا في هذا الاكتشاف ولا نقول الأخ سمير أحدهم، بل ربما كان يأمل أن ترقع تلك الخُرم والثقوب في جسد هذا المركب الاخواني والذي أتوا بها من مستودعات الماضي السحيق مع بعض الدهان والماكياج، ليخدعوا الكثيرين، بأن تم تجديده وبات عصرياً حديثاً وفق العصر والمقاسات الفيكتورية البريطانية.

للعلم كنت أحد الأحد الذي قال عن ذاك المركب؛ “إعلان دمشق ومجلسها الوطني” ومنذ لحظة التأسيس، وليس فقط التنظيم الاخواني، بأنه مركب متهالك لا يصلح للنجاة وبالأخص للقضية الكردية، وقد أعلنت ذلك ونحن في جلسات انعقاد المجلس الوطني حيث طلبت من رفاقي في البارتي حينها؛ بأن ننسحب من هذا الجسد المتهالك، طبعاً شهودي بالعشرات وليس الآحاد حيث أعلنت ذلك على الملىء حينها وذلك في عدد من اللقاءات المسموعة والمقروءة؛ منها على قناة ألمانية ناطقة بالكردية مع الأخ “تنكزار ماريني”، وكذلك في لقاء صحفي طويل أجراه؛ العزيز “جهاد صالح”، ابن القيادي “حسن صالح”، ونشر في عدد من المواقع حيث قلت بأن الموافقة على مشروع المجلس -ونعني المجلس الوطني السوري- والذي يقول؛ بأن “سوريا جزء من الوطن العربي والشعب السوري جزء من الأمة العربية”، فإن ذاك يعني وبالأخص للأحزاب الكردية “صك التنازل” عن القضية الكردية، بأنها “قضية أرض وشعب”، لكن وللأسف وقعت أحزابنا الكردية بطرفيه؛ (الجبهة والتحالف) حينها حيث كانا يمثلان كل القوى الكردية تقريباً، ما عدا الجماعة الآبوجية، كونهم كانوا على قائمة المحظورين نتيجة العلاقات التركية السورية الأمنية.

بالأخير نود القول؛ بأنكم تأخرتم كثيراً في الإعلان أخي سمير وبأنكم أنتم من سلمتم زمام الأمور للجماعات الراديكالية التكفيرية نتيجة ضعف الحركة الديمقراطية وكذلك لركوب الكثير من المرتزقة على موجة الحراك الشعبي، ولكن ورغم ذلك موقفك أفضل من مواقف الكثير من القوى والأحزاب والشخصيات التي تدعي الديمقراطية، وبالأخص الأحزاب الكردية حيث مصيبتنا مع هؤلاء مزدوجة؛ فمن جهةٍ جعلوا تيار ديني سلفي راديكالي يتسيّد المشهد السياسي، ومن جهة أخرى وهي الأكثر ضرراً على الكرد وقضاياهم، بأن راهنوا موقفهم، أو بالأحرى باتوا بدون موقف وذلك بعد أن خضعوا وخنعوا للمشروع التركي التركماني ولبعض المرتزقة من المجاميع العروبية الإسلامية حيث الهدف هو انهاء الوجود، وليس فقط القضية الكردية، ورغم تلك الحقيقة الساطعة، ما زال بعض الهبل والحمقى يريد أن يصدق؛ بأن أولئك “يمثلون المشروع القومي الكردي” في روژآڤاي كردستان (سوريا)!!

تأخرتم كثيراً في الإعلان عن الاعتذار للشعب السوري

الأخ؛ سمير نشار، تعرفت عليه عام 2005م مثله مثل كثر آخرين، ضمن ما عرف فيما بعد بالمعارضة السورية، وذلك من خلال تمثيلي لكتلة “الجبهة الكردية” وممثلاً عن الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) -حالياً الكردستاني- طبعاً حينها كان الرجل يمثل تياراً ليبرالياً، كما كان يعرف عن نفسه وتياره، ولو بصبغة قوموية، لكن ذاك ليس موضوعنا وليس أيضاً بصدد تقييم ذاك التيار وهل كان هناك تيار ليبرالي أصلاً، أم عدد من الشخصيات تدعو الى الديمقراطية والليبرالية السياسية. وهكذا استمرت علاقتنا لغاية إعلان المجلس الوطني السوري والذي عقد مؤتمره التأسيسي في نهاية عام 2007م حيث اعتقل عدد منا وأتذكر قضينا معاً ومع عدد من الأخوة الآخرين ليلتان في أمن الدولة بحلب.

ما أردت من هذه المقدمة هو القول؛ بأن السيد نشار يعتبر من مؤسسي الحراك السياسي المعارض في سوريا، وقد أستمر معهم لغاية يوم أمس، وإذ نتفاجأ به يعلن عن اعتذاره للشعب السوري لأنه شارك جماعة الاخوان المسلمين وبأن هؤلاء لا يمكن أن يصبحوا شركاء في أي مشروع وطني حيث يقول من ضمن ما جاء في بيان الاعتذار ما يلي: “للأسف لم يكونوا ذو مصداقية ونزاهة سياسية ولا يمكن ان يصبحوا شركاء بالمشروع الوطني السوري..”. مما جعلني أكتب له التعليق التالي: بقناعتي إن المشكلة ليس في موقف الإخوان ومشروعهم السياسي بقدر ما هو في ضعف المعارضة الديمقراطية في بلادنا حيث تم تسليم الأمور لهم تماماً نتيجة ضعف الآخرين وإرتزاق البعض الآخر.. وللأسف تأخرت كثيراً مثل الكثيرين للإنسحاب ورغم ذلك موقفك محل تقدير يثنى عليه وذلك لشجاعتك في الإعتراف بالخطأ والاعتذار والذي قد يصبح دافعاً للآخرين أيضاً.. تحياتي

طبعاً لست هنا بوارد محاكمة الرجل، بل ورغم كل هذا التأخير في الاعلان يعتبر موقفاً شجاعاً على الأقل هو يعتذر للشعب السوري وكذلك ربما يشجع آخرين، لا نقول بالقفز عن المركب للنجاة وهو صحيح لدرجة كبيرة حيث سيغرق بمن يتبقى فيها وقد بدأت عملية الإغراق منذ اسقاط حكومة مرسي في مصر وليس اليوم، لكن يبدو أن الكثيرين تأخروا في هذا الاكتشاف ولا نقول الأخ سمير أحدهم ، بل ربما كان يأمل أن ترقع تلك الخرم والثقوب في جسد هذا المركب الاخواني الذي أتوا بها من مستودعات الماضي السحيق مع بعض الدهان والماكياج ليخدعوا الكثيرين ، بأن تجدد وبات عصرياً حديثاً وفق العصر الفيكتوري البريطاني.

للعلم كنت أحد الأحد الذي قال عن ذاك المركب؛ إعلان دمشق ومجلسها الوطني ومنذ لحظة التأسيس بأنه مركب متهالك لا يصلح للنجاة وبالأخص للقضية الكردية وقد أعلنت ذلك ونحن في جلسات انعقاد المجلس الوطني حيث طلبت من رفاقي في البارتي حينها؛ بأن ننسحب من هذا الجسد المتهالك، طبعاً شهودي بالعشرات وليس الآحاد- بل أعلنت ذلك على الملىء حينها وبد ذلك في عدد من اللقاءات المسموعة والمقروءة منها على قناة ألمانية ناطقة بالكردية مع الأخ تنكزار ماريني وكذلك في لقاء صحفي طويل أجراه؛ جهاد صالح، ابن القيادي حسن صالح ونشر في عدد من المواقع حيث قلت بأن الموافقة على مشروع المجلس -ونعني المجلس الوطني السوري- والذي يقول؛ بأن “سوريا جزء من الوطن العربي والشعب السوري جزء من الأمة العربية”، فإن ذاك يعني وبالأخص للأحزاب الكردية صك التنازل عن القضية الكردية بأنها “قضية أرض وشعب”، لكن وللأسف وقعت أحزابنا الكردية بطرفيه؛ الجبهة والتحالف، حينها حيث كانا يمثلان كل القوى الكردية تقريباً ما عدا الجماعة الآبوجية، كونهم كانوا على قائمة المحظورين نتيجة العلاقات التركية السورية الأمنية.

بالأخير نود القول؛ بأنكم تأخرتم كثيراً في الإعلان أخي سمير وأنتم من سلمتم زمام الأمور للجماعات الراديكالية التكفيرية نتيجة ضعف الحركة الديمقراطية وكذلك لركوب الكثير من المرتزقة على موجة الحراك الشعبي ولكن ورغم ذلك موقفك أفضل من مواقف الكثير من القوى والأحزاب والشخصيات التي تدعي الديمقراطية وبالأخص الأحزاب الكردية حيث مصيبتنا مع هؤلاء مزدوجة حيث من جهةٍ جعلوا تيار ديني سلفي راديكالي يتسيد المشهد السياسي ومن جهة أخرى وهي الأكثر ضرراً على الكرد وقضاياهم بأن راهنوا موقفهم، أو بالأحرى باتوا بدون موقف وذلك بعد أن خضعوا وخنعوا للمشروع التركي التركماني ولبعض المرتزقة من المجاميع العروبية الإسلامية حيث الهدف هو انهاء الوجود وليس فقط القضية الكردية ورغم تلك الحقيقة الساطعة، ما زال بعض الهبل والحمقى يريد أن يصدق؛ بأن أولئك يمثلون المشروع القومي الكردي في روژآڤاي كردستان (سوريا)!!

دلالات زيارة أردوغان لكردستان

مشاركتي مع عدد من الأصدقاء في الكتابة عن تلك الزيارة بدعوى من الأخ عنايت ديكو

الاستاذ پير روســتم
بقناعتي زيارة أردوغان مع وفد حكومي كبير وضخم لكل من بغداد وهولير، وبالأخص لهذه الأخيرة، تتسم بمعاني ودلالات كثيرة ومعبرة؛ أهمها هو كسر عنجهية تركيا ونظرتها لإقليم كوردستان وحكومتها وللكورد عموماً حيث إنها (أي تركيا) وأردوغان نفسه، كانوا وربما ما زالوا يرفضون الاعتراف بالإقليم وبعلمها وبرلمانها وحكومتها، بل وصفهم أردوغان ب”العشائرية”، مع تقديرنا للرموز القبلية والعشائرية، ووصل به الاستهزاء في حكومة الإقليم وكيانها ووجودها أن قال؛ بأن بـ”إغلاق الصنبور” -وكان يعني بها خط الغاز والنفط الذي يمر من الإقليم إلى تركيا ومنها لأوروبا- فإنه سيقضي على وجودها؛ أي وجود الإقليم ككيان سياسي، لكن ها نحن نراه يأتي لبغداد، بل إلى هولير نفسها، ولن نقول صاغراً، لكن على الأقل ليس كطاغية ومحتل ليُخضع الكورد، بل ربما مترجياً منهم أن يساعدوه في حل عدد من القضايا والملفات التي تعاني منها تركيا حيث نعلم ومن خلال العقدين السابقين والذي جاءا بأردوغان والتيار الإسلامي لسدة الحكومة في أنقرة؛ بأن الرجل ثعلب سياسة ويعرف أين ومتى يعمل تكويعات خطرة من على حافة الهاوية وقد رأينا ذلك في عدد من الملفات، مثل علاقته بالدول العربية وتحديداً مصر والسعودية فبعد حروبه الكلامية ضد البلدين ذهب وطلب صداقتهم من جديد! وها هو اليوم يأتي للعراق وكوردستان ويدفعه بالتأكيد عدد من الأمور والقضايا والمحركات حيث كلنا نعلم؛ بأن حكومة العدالة والتنمية، ذات الفاشية الدينية المتزاوجة مع الفاشية القومية في تركيا، تمر بمرحلة عصيبة وفي عدد من الملفات؛ إن كانت على الصعيد الداخلي وما تشهدها تركيا من انهيار في الاقتصاد وحال الليرة التركية خير شاهد على ذاك الانهيار، مما تسبب في خسارة وانتكاسة كبيرة لهم في الانتخابات الأخيرة للبلديات.. وكذلك في علاقات تركيا الإقليمية والدولية حيث وبعد كل تلك الأحلام عن مشروع أردوغان في “العثمنة الجديدة” وإخضاع العالم الإسلامي والدول الناطقة بالتركية لنفوذ تركيا وجعلها، أي تركيا “قطب آخر” على المستوى الدولي وليس فقط الإقليمي، ها نحن نرى تراجع الدور التركي حتى في الملف السوري، ناهيكم عن باقي الملفات وطبعاً بعد أن سحب الأمريكان والأوربيين يدهم من دعم تركيا نتيجةً لسياساتها الإخوانية ودعمها للكثير من الجماعات الراديكالية وبالأخص في كارثة عفرين، بل والأخطر الذهاب أكثر باتجاه المحور الإيراني، فكان لا بد من فرملة تركيا!

ولذلك فإن أردوغان يحاول أن يتوجه للشرق بعد أن خذله الغرب وهذه الزيارة بهذا الحجم الحكومي الكبير لبغداد وهولير هي محاولة للتعويض حيث الزيارة وبقناعتي لا تقتصر على الملف الأمني، كما يحاول البعض الترويج له؛ وبأنه فقط لاستهداف العمال الكوردستاني، فلا أعتقد بأن يكون هو الملف الوحيد ولا الأول حتى لدى تركيا وأردوغان، بل الأهم هي الملفات المتعلقة بالجانب الاقتصادي من خط النفط المار بالإقليم لتركيا وكذلك فتح بوابات أخرى للعلاقات التجارية وجعل العراق ساحة للبضائع والشركات التركية، طبعاً مع ملف المياه والذي يهم الحكومة العراقية أكثر من أي ملف آخر. وأيضاً فقد جاء أردوغان لكوردستان لربما يجد “حبل نجاة” له ولحكومته في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقد يكون مدخلها إحياء أو إعادة المفاوضات مع الجانب الكوردي بوساطة من البارزانيين.. بكل الأحوال هذه الزيارة تعني فيما تعنيه؛ اعترافاً تركياً ومن أردوغان نفسه كأكبر رمز سياسي لحكومة العدالة والتنمية، ليس فقط بالإقليم الكوردستاني وجوداً ككيان سياسي له حكومته وعلمه وبرلمانه، بل كذلك بدور هذا الإقليم والحكومة الكوردستانية في عدد من ملفات المنطقة وهذا هو المغزى والدلالة الأكبر بقناعتي في هذه المرحلة التاريخية.

حكاية قايين وهابيل؛ يموت القديم ويولد الجديد من رحمه..!

يدعي أحدهم في الحديث عن الثقافة والمثقفين الكرد بين الملحدين والمؤمنين وأيهما أكثر فائدة للقضية الكردية؛ بأن يقول أن “الأخير هو من خدم، بينما الآخر دمرّ وشرد الكرد”، مستنداً في استنتاجه الساذج “العبيط” على تاريخ الثورات الكردية من جهة وكذلك على دور رجال الفكر والثقافة في المراحل الماضية حيث يقول: بأن كل قادة تلك الثورات والثقافة كانوا مشايخ ورجال دين -وبالمناسبة هو محق في ذلك- لكن إن كان محقاً في قوله؛ بأن أولئك كانوا يحملون فكراً دينياً، فهو (أي مدعي القول) عبيط وأهبل في استنتاجه السابق حيث يتناسى المرحلة والسياق التاريخي الذي أتى بأولئك الرجال والقادة في حقلي السياسة والثقافة والذين نشأوا في بيئات هي أساساً لن تنتج غير من يحملون فكراً دينياً ايمانياً، كونها كانت الثقافة المهيمنة في المجتمع وهي من تقود حركة التاريخ؛ أي الفكر الديني وتعتبر محور وديناميكية الحركة التاريخية، والصراعات كلها تتمحور حول الفكر الديني. وبالتأكيد من ينشأ في مثل هكذا بيئة سيكون حاملاً لفكرها وثقافتها، لكن وبعد بروز الفكر القومي والماركسي، قبل أكثر من قرنين في المنطقة والعالم، بدأ الانزياح في المحور الحركي لتلك الحركات الثورية ولقادتها في الحقلين السياسي والثقافي حيث نشهد خلال كل الفترة القريبة ومنذ قرن تقريباً؛ بأن أغلب هؤلاء القادة ورجال الفكر يحملون فكراً قومياً وماركسياً مع بعض القادة والحركات التي ما زالت تحمل الطابع الديني وأكثرها سلفية متطرفة وإرهابية، كون القديم لا يسلم الراية للجديد دون مقاومة، فهل نقول؛ لم كل حركاتنا وقادة ثوراتنا ومثقفينا قوميين ماركسيين ملحدين وليسوا مؤمنين وبأن هؤلاء أكثر فائدةً، أم علينا أن ندرك المرحلة التي أفرزت مثل هؤلاء القادة والحركات ورجال الثقافة والفكر؟

وهكذا نستنتج بأن ذاك الادعاء؛ بأن “المثقف المؤمن أكثر فائدةً للقضية من المثقف الملحد”! هو محض كذب وافتراء، ليس فقط على الواقع والحقيقة التاريخية، بل على التاريخ نفسه، وأساساً ليس هناك مثقف مؤمن وملحد ومن هو أكثر فائدة، وإنما هناك مثقف ولا مثقف، أما قضية الإيمان تبقى مسألة شخصية تتعلق بالجانب العقائدي ولا علاقة بالأخلاق والفائدة للمجتمع والقضية، فكم من مؤمن خان القضية وساعد الأعداء في الإضرار بالقضية الكردية إلى جانب بعض أولئك القادة “المؤمنين” الذين قادوا تلك الحركات والانتفاضات، وإن تاريخ شعبنا مليئة بأولئك “المؤمنين” الذين باعوا أنفسهم للأعداء ، فهل ذاك يعني أن نضع اللوم على كل المؤمنين، لا طبعاً، مع العلم أن المشروع الإسلامي عموماً استخدمه الشعوب الأخرى لمصالحهم الأثنية والقبلية، بينما الكرد وربما الوحيدين عملوا العكس حيث تم استخدامهم من قبل أولئك بحجة “أخوة الدين”. بالأخير نقول؛ كما أن المرحلة التي سادت فيها الفكر الديني الإسلامي في مجتمعاتنا وبالتالي صبغت ثقافتنا وثوراتنا بفكر ديني إسلامي، فإن المرحلة الحالية والتي سادت فيها الفكر القومي الماركسي هي التي تصبغ حركاتنا ومثقفينا بهذا الفكر والثقافة، والإنسان ابن مرحلته ولذلك هذه ليست حجة لنأخذ بها ونقول؛ أيهما الصح والآخر الخطأ، إلا إن كنا عبيطاً بلهاء لا نعرف أن نقرأ حركة التاريخ والمحاور الحاملة لها!

وبالمناسبة الصراعات القادمة بين الدول والشعوب أغلبها ستكون على الاقتصاد والمصالح؛ أي أن المحور الحامل الجديد للثقافة والتاريخ وحركاتها سيكون الاقتصاد وليس الدين ولا القومية، طبعاً سيبقيان -أي الدين والقومية- محوران لهما تأثيرهما علة السياسة والثقافة، ولكن بتأثير أقل حيث المحور الناقل للحركة الكبيرة سيكون الاقتصاد كما أسلفنا، وبالتالي ستشهد المجتمعات بروز دور المعارك والحروب حول منابع الثروات وطرق الترانزيت وخطوط الطاقة والنفط وهو ما نشهده عملياً مع حروب المشرق والمغرب، إن كانت في شرقنا؛ سوريا مثالاً، أو هنا في الغرب الأوروبي حيث الحرب الروسية الأوكرانية.. فهل هذا يعني أن نقول؛ لماذا لا نشهد دور كبير لرجالات الدين والقومية في هذه الحروب العالمية الجديدة ومن هم الأكثر فائدة لشعوبنا؛ أولئك القادة التاريخيين، كما استشهد ذاك “العبيط” بالتاريخ الكردي ووجد أن قادتنا ومثقفينا كانوا “مؤمنين مسلمين” ولم يكونوا ملحدين!! أم هؤلاء القادة الذين يأتون أساساً بدعم من شركات عابرة للقارات أو هم أصحابها أساساً كرجال مال وأعمال -ترامب القذر مثالاً- حيث السؤال بهذه السذاجة يكشف عن ضحالة فكرية، كون كل مرحلة تاريخية تنتج وتبرز ما يحمل في طياتها وثناياها!

وإننا نود هنا أن نستشهد بالتراث الديني أو الأسطوري، بالأحرى عن قصة “هابيل وقايين” بخصوص صراع المراحل التاريخية، وكيف أن الرب قبل هدية هابيل الراعي ورفض هدية قايين، أو قابيل الإسلامي المزارع والقضية ليست قضية “صدق وسوء نية”، كما يفسرها بعض الهبل والعبيط من أمثال “صاحبنا المؤمن”، بل هي تتعلق بالصراع التاريخي بين القديم والجديد حيث ترمز الحكاية إلى الصراع الذي نشأ ونشب بين المرحلة الرعوية السابقة وولادة ثقافة الزراعة ومرحلتها التاريخية الناشئة على أنقاض ذاك الماض الرعوي، وطبعاً الأب -وهنا يمثله الرب وهو الأب في البيت وما زال في ثقافتنا الشرقية- وبحكم انتمائه للقديم فقد تقبل هدية هابيل الراعي ورفض هدية قابيل أو بالأحرى قايين المزارع، فقام هذا الأخير بقتل أخيه وهو تجسيد عن دورة الحياة حيث بدأت المرحلة الزراعية تولد من رحم المرحلة السابقة الرعوية ومن ثم قضت عليها لتبدأ الدورة أو المرحلة الزراعية.

وهكذا فإن السؤال الجوهري والأهم؛ ليس لم كان رجال الفكر والثقافة في المرحلة الماضية للكرد مؤمنين وليسوا ملحدين، بل لما لم يقدر أولئك الرجال والقادة أن يجعلوا الفكر الديني الإسلامي يخدم قضاياهم، بدل أن يخدموا الآخرين وقضاياهم نتيجة تأثير ذاك الفكر الديني وقد أشار لذلك رائد الفكر القومي الكردي؛ أحمدي خاني، ولو بنبرة دينية لاهوتية، كونها كانت ثقافة المرحلة التاريخية، كما قلنا وبالتالي من الطبيعي أن يكون رجلاً وشاعراً مؤمناً إسلامياً وليس ملحداً ماركسياً أيها العبيط الأهبل، كما نجد اليوم بأن أغلب رجالات الفكر والانتفاضات الكردية هم قوميين ملحدين، وربما سيأتي عبيط آخر يسأل ذاك السؤال نفسه، لما لم يكونوا رجال أعمال وشركات ومحللي اقتصاد، كون مرحلتنا ذات طابع قومي ماركسي ولم ندخل بعد مرحلة الكارتيلات الاقتصادية حيث المجتمع الكردي ما زال أكثر تخلفاً وأقل تطوراً في ركب حضارة الدول العملاقة والتي باتت تسيرها الاقتصاد ورجال المال والأعمال والفكر الاقتصادي الليبرالي الحر وليس أصحاب العمائم الدينيين أو القوميين.. فهل عرفت يا أهبل؛ لم كان رجالنا وقادتنا مؤمنين وليسوا ملحدين؟! لأن لكل مرحلة قادتها وفكرها وطابعها الثقافي الاجتماعي، مثلما يقال “لكل زمان دولة ورجال”.

مجدداً بخصوص حرق مكاتب أحزاب المجلس الكردي

يوم أمس كتبت بوست بخصوص الموضوع وجاءت أغلب الردود، كما هو متوقع، حزبية متشنجة من كلا الطرفين وبالأخص الفريق الآبوجي، وهذه نفهمها؛ كون كل فريق يجد بأن الصح والآخر على ضلال وذلك على طريقة التكفير الديني في الإسلامي حيث قتل الآخر “الكافر” حلال.. ومن ضمن ما جاءتني من تعليقات، كان التعليق التالي؛ “استاذ بير تعرف ان هناك محاولات حثيثة لضرب المكتسبات الإدارة الذاتية بكل الامكانيات والسبل واحد هذه الاطراف هي انكسة وحتى الان انكسة لم تعترف بادارة امر الواقع وحتى الان لا تريد ان تصدر التراخيص لمكاتبها هنا ان مجلس الكردي احد الادوات الدولة التركية الفاشية في المنطقة..هنا لا استبعد ان تكون ان مجلس له اليد في هذه الاعمال لتشويه سمعة الادارة..حتى ان الاسايش قد اصدر بيان في التحقيق …ثم من خلال متابعتي كتاباتك داءما تصدر حكما مسبقا على جوانن شورشكر ..ادرك انك اوعى في هذه الأمور…لا انكر هناك اخطاء لا بد تجاوز هذا الاخطاء من خلال النقد البناء…في بعض منشوراتك كانك تسب الزيت على النار..ارجوا ان تقبل مني هذا النقد أستاذ بير
لك تحياتي ومودتي”

إن تعليق ذاك الصديق جعلني أكتب له الرد التالي: أخي.. أولاً شكراً لموضوعيتك في تناول القضية وأنا أتفق معك بخصوص محاولات أطراف عدة ومنه المجلس للإدارة، لكن قضية حرق هذه المكاتب أعتقد بات شبه معروف من يقوم بها، بل في بعض الحالات كان “على عينك يا جر”؛ أي قاموا بها علانية وكتب الكثيرون عن ذلك وبالتالي فهي ليست قضية اتهام جهة، بل هم أنفسهم أعلنوا مسؤوليتهم عن هكذا أعمال.. وبالأخير تعتبر هذه المكاتب أملاك عامة أو خاصة لمواطنين في مناطق نفوذ الإدارة وهي المسؤولة عن أمنها وحمايتها قانونياً بحكم هي السلطة الحاكمة، أما التذرع بعدم ترخيص الرخص فلتقم إذاً باغلاقها وإغلاق هذا الملف يلي يصرعونا فيها كل يومين على مواقع التواصل الإجتماعي
لك أيضاً التحية والمودة أخي

بالمناسبة ما فاجأني أكثر هو رسالة من أصدقاء يعملون في حقلي السياسة والثقافة وبعد نقاش ورد ومحاولة القول؛ بأن هذه ليست مسؤولية الإدارة مع أن أي سلطة وإدارة في العالم هي التي تتحمل مسؤولية أمن مواطنيها وممتلكاتهم وبعدما رأوا لا مفر بإقرار المسؤولية وبأن هذه جزء من مسؤوليات الإدارة كونها هي من تدير الأمور وبيدها كل السلطات، حاولوا تبرير الفعل الجرمي، بل صديق منهم ذهب وأشاد بذاك العمل في حرق تلك المكاتب وهو بذلك لم يبرر فقط الفعل الغير قانوني، بل كان شبه اعتراف منه بأنهم يعرفون الفاعل ويدعمونه وليس فقط يسكتون عنه وذلك تحت حجة ومبرر أن هذه الأحزاب -ويقصد أحزاب المجلس- “خائنة وعميلة” وأن الخونة يحاكمون في كل دول العالم لا تحرس مكاتبهم، فكان ردي له؛ إن كانوا خونة فلم سمحت الإدارة أساساً بفتح مكاتب أولئك العملاء؟! إذاً ليغلقوا تلك المكاتب وبلا كل يومين هي المهزلة على مواقع التواصل الإجتماعي.

هل الحقيقة واحدة دائماً؟!

إن عبارة؛ “أول مرة تحكي صح”، أو “أول مرة بتقول الحقيقة”، قد يكون البعض منكم سمعها من الآخرين وربما أكثركم قالها لغيره.. ولهؤلاء جميعاً نقول؛ بأن الحقيقة ليست واحدة وهي تختلف باختلاف الزمان والمكان والثقافات، فربما ما تجدها حقيقة يراه الآخر غير ذلك أو لنقل وجهاً آخراً للحقيقة حيث للحقيقة أوجه متعددة، بل ربما حقائق متعددة ولكي لا يبقى الكلام فلسفياً نظرياً سنأتي بالمثال المعروف لأغلبكم وهو الاختلاف بين رقمي 6 و 9 حيث بوقوف أحدنا على ضفة ما أو بقلب الصفحة سيتم التغيير في قراءتنا بين الرقمين؛ بمعنى من يقف على ضفتنا سيقرأه ستة (6)، بينما الذي على الضفة المقابلة سيقرأ الرقم (9)

وهكذا نجد بأن الحقيقة أختلفت بحسب موقعنا من حقيقة الرقم، بل ربما أحدهم يجهل القراءة اللاتينية وفقط يقرأ بالعربية وبالتالي قد يقرأه فاصلة (،) بدل رقم (6)، بينما الذي على الضفة الأخرى وقرأها رقم (9) يقرأه حرف الواو (و).. وهكذا نجد بأن تلك الحقيقة هذه المرة إختلفت باختلاف الثقافة، نأمل أن تكون الرسالة وصلت بحيث لا يكرروا مرة أخرى تلك العبارة التي تقول؛ أول مرة بتقول الحقيقة، لأن ربما هذه المرة كانت الزاوية التي ننظر ل”الحقيقة” واحدة فقط لا غير

مما سبق يمكن القول: بأننا عبيد لقناعاتنا وتصوراتنا المسبقة عن الأشياء والمواضيع والقضايا حيث لكل منا محدداته الفكرية الأيديولوجية وبذلك نتشابه في كل شيء، إلا في اختلاف مساطرنا للقياس وهكذا يمكن القول؛ بأن العبيد يجمعهم شيء واحد؛ ألا وهي القيود التي تكبل حريتهم، حرية الفكر والمنطق والعقلانية قبل أن نتحدث عن حرية الجسد والتبعية لسيد، مهما كان ذاك السيد؛ شخصاً أم مذهباً وعقيدة حيث تجده محصوراً في صندوقه متقوقعاً لا يريد الخروج منها للفضاء الرحب ويعتقد بأن العالم كله هو ذاك الصندوق المحشور فيه أحدنا!

ما دفعني لكتابة هذه العبارات هي تعليقات بعض تلك الشخصيات العبدية، فمهما كانت ولاءاتهم وعبوديتهم، تجدهم جميعاً يتصفون بإلغاء الفكر بحيث يمكن اعتبارهم كائنات بأحجام وأشكال وألوان مختلفة، لكن تجمعهم جميعاً صفة مشتركة وهي العماء أو في أحسن الأحوال؛ الرؤية باتجاه واحد، كما حال تلك الدابة التي تضع على عينيها قطعة جلد لكي تصبح زاوية الرؤية لديها محددة.. وهكذا هي حال العقائديين فلهم زاوية رؤية محددة بمنهجية ما لا يقدرون أن ينظروا خارج المساحة والزاوية المحددة بها، كما حال تلك الدابة وللأسف مع الاعتذار من التشبيه حيث جاء لتوضيح الفكرة وليس تشبيهاً وتقليلاً من شأن أحد وإن كان مؤدلجاً عبداً لقناعات جعل منها التابو والمقدس بالنسبة له بحيث يجد أي تفكير خارجها، خارج الصندوق هو نوع من الخيانة لتلك المعتقدات.

الحرية تحتاج لفضاءات واسعة ولا يمكن ممارستها في الأقفاص أيها السادة وللأسف نحن جميعاً أسرى وعبيد في أقفاصنا الأيدولوجية إن كانت الدينية والطائفية أو السياسية والقومية والحزبية، فهل سيأتي ذاك اليوم لنخرج من هذه الأقفاص للفضاءات الواسعة؟

حروبنا الداخلية من يتحمل مسؤوليتها؟!

للأسف الأحزاب الكردية الرئيسية كلها ودون استثناء دخلت في هذه الصراعات، ووصل الأمر في بعض المراحل والأوقات للصراع المسلح، وهو كان الأسوأ في تاريخ الصراع الكردي الكردي، أو كما يتم تداوله باسم “اقتتال الأخوة” زوراً حيث لو كنا إخوة حقيقيين ما كنا دخلنا تلك الحروب أساساً! وإن المستغرب بالموضوع كذلك هو لجوء مريدي كل طرف بإلقاء الثلج في حضن الآخر وكأن طرف كان سلمياً يوزع الورود على الناس، بينما الآخر جاء يرميه بالرصاص، لا والأغرب تحميل كل التبعات على الديمقراطي الكردستاني والبارزانيين دون الآخرين حيث جاءتني عدد من التعليقات تذهب في هذا المنحى والاتجاه بتحميل ذاك الطرف تبعات كل الصراعات ووصل الأمر؛ بأن عدد من الأخوة أعابوا البارزانيين بأنهم طلبوا مساعدة النظام العراقي لأجل صد هجوم الاتحاد الوطني بمساعدة من إيران، متناسين بأن قسد والإدارة الذاتية هي الأخرى أُجبرت على طلب مساعدة الجيش السوري لصد هجوم واعتداءات ما تعرف ب”الجيش الوطني” المدعومة من تركيا، نعم قد لا يكون للطرف الكردي في سوريا؛ ونقصد المجلس الوطني، قوات عسكرية، كما حال الطرف الكردي العراقي؛ الاتحاد الوطني، لكن بالأخير المجلس مثل الاتحاد جزء من الطرف الآخر المعادي والمعتدي وقد أًجبروا طرفاً كردياً آخراً لطلب مساعدة المركز وذلك لحماية مناطقه من الاعتداءات، فلما يكون طلب البارزاني جريمة، بينما طلب قسد والإدارة عملاً وطنياً؟ وفي الحالتين ووطنياً؛ فإن الحق على المعتدي الخارجي ومن هو متحالف معه في تلك الصراعات.

وإضافةً لما سبق فإننا نوجه السؤال التالي لأولئك الأخوة الذين يحمّلون البارزانيين تبعات كل الحروب والاقتتالات الداخلية، طيب ومن يتحمل مسؤولية تلك الحروب التي نشأت والبارزانيين لم يكونوا طرفاً فيها، مثل التي نشأت بين الكريلا وبيشمركة الاتحاد الوطني مثالاً؟! بالأخير ما نود أن نقوله؛ بأن صراعاتكم الحزبية والمناطقية؛ بهديني/سوراني نموذجاً، ومن يوسع دائرة نفوذه ويأخذ بعض المناطق والممرات من الآخر ويفرض سيطرته عليها، بالإضافة وربما هذا هو الأخطر؛ تدخل القوى الإقليمية وبالأخص الغاصبة لكردستان هي التي كانت تحرك وما زال تلك الصراعات بحيث جعل شعبنا يدفع أثمان غالية وللأسف.. طبعاً هذا ليس دفاعاً عن البارزانيين، كما يحاول بعض الأيديولوجيين المريدين للآبوجيين ترويجها، مثلهم مثل مريدي الطرف الآخر حيث كلما انتقدنا أخطاء طرف ليأتوا ويصبغوننا بالولاء لأحد الأطراف الكردستانية، بل إننا نحاول أن نقرأ التاريخ والقضايا بموضوعية وعقلانية وبعيداً عن أدلجة أحزابنا والتي تؤكد لنا؛ بأن “كلكم يعني كلكم” متورطين بهذه الصراعات و”من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر”!! وهكذا فلا أحد بريء والآخر مدان تماماً، بل أنتم جميعاً والقوى التي كانت “تدعمكم” تتحملون المسؤولية ونرجو فعلاً أن تطوى هذه الصفحة، ليس بحثاً وتحليلاً ولتصبح عبرة لنا، بل أن لا نعود إليها ممارسةً وسلوكاً ويلتزم الجميع بأن الاقتتال الكردي الكردي خط أحمر!!